الأربعاء، ٢٤ يونيو ٢٠٠٩

المتبقى

Almotabaky_2

يبقى ما تراه العين، وتسمعه الأذن، ويخفق له القلب هو الأكثر أثراً فى الوجدان، والأبقى ثبوتاً فى الذاكرة، والأيسر ولوجاً إلى العقول..

ولا تحقق أداة واحدة هذه المعادلة بقدر ما تحققها الدراما السينمائية.

هذا ما أكدته لى معايشتى للفيلم السورى الإيرانى "المتبقى" المأخوذ عن قصة "عائد إلى حيفا" للأديب "غسان كنفانى"، وبطولة "جمال سليمان" و "سلمى المصرى".

ورغم أنى لا أحترم معظم الأفلام العربية التى شاهدتها، وأصنف جلها فى دائرة "الهزل" غير البرىء، أو فى دائرة "الجد" الخبيث إلا أن فيلماً كهذا - رغم فقر إنتاجه - أعاد إلىّ الأمل فى أن نرى يوماً دراما سينمائية عربية جادة، تصب فى مصلحة تطور هذه الأمة، والدفاع عن قضاياها.

الفيلم يحكى بشكل مبسط -  لا كلفة فيه - عن اغتصاب فلسطينAlmotabaky_1 على يد العصابات الصهيونية، تحت تواطئ بريطانى غربى عالمى، وغفلة عربية إسلامية.

وقد حمل الفيلم مجموعة من الشخصيات الرمزية المعبرة عن كيفية اغتصاب الأرض المقدسة، وعن الطريق الوحيد لاستردادها. وهذه الشخصيات هى:

  • رضيع فلسطينى يموت أبواه مقتولين على يد العصابات الصهيونية فى مذبحة عامة لأهل مدينة حيفا؛ فتأخذه أسرة يهودية عقيم، فتسميه "موشى" بدلاً من "فرحان".
  • طبيب فلسطينى - أبو الرضيع - يرفض تهديداً يهودياً بمغادرة أرضه وإلا تم قتله، ويستمر فى الدفاع عن المدينة بتطبيب ضحايا المذابح الصهيونية حتى آخر لحظة من عمره.
  • أم الرضيع تخشى على أسرتها (الزوج والرضيع) من بطش القتلة المجرمين؛ فتلح على زوجها بمغادرة المدينة (فى صورة إنسانية معبرة مقابلة لإجرام لا حدود له).
  • قاتل الطبيب وزوجته هو يهودى تربى معهم، وعايشهم فى فترة الطفولة والشباب؛ ولكن طباع القتل والإجرام لم تستسلم للنزعات الإنسانية الطبيعية.
  • جد يقنع ولده بأن يبقى فى أرضه، ولا يتركها فريسة فى يد الغاصبين، رغم أنه قد فقد ولده الآخر، وابنته وأسرتها على يد هؤلاء المجرمين، ورغم ضغوط زوجه عليه بعدم التفريط فى ابنهم الثانى وأسرته.
  • جدة صلبة قوية تتعامل بفطرة وأمومة تتغلب على مشاعرها، وألمها، وتقبل أن تخدم الأسرة اليهودية التى اغتصبت بيت ابنها، ورضيعه حتى تتمكن من إرجاعه مرة أخرى.

وقد كانت نهاية الفيلم الأكثر تعبيراً؛ فتقوم الجدة بتفجير القطار الذى تركبه الأسرة اليهودية الغاصبة، والذى يحتوى على ذخيرة، ستوجد آلافاً من "فرحان" الذى صار "موشى"، وتقفز بحفيدها من القطار متوكلة على ربها، ولاهجة بذكره.

ولقد وجدت نفسى متسائلاً فى نهاية الفيلم الذى لم أره على شاشة فضائية:

هل نسينا فعلاً كيف اغتصبت فلسطين؟

وهل نسينا فعلاً معاناة الفلسطينيين؟ وكيف طردوا من بلادهم؟

وهل أخطأ العرب والمسلمون فعلاً برفضهم قرار التقسيم الذى كتب بدماء شيوخ ونساء وأطفال فلسطين التى سالت على الأرض المقدسة؟

وهل فعلاً "ما فات مات" كما يدعونا السيد أوباما؟

وهل سلام الفئران المذعورة هو فعلاً الفرصة الوحيدة الباقية لنا فى الحياة؟

وهل صار الخونة الذين صاروا يتحدثون جهاراً نهاراً عن حتمية السلام مع الغاصبين القتلة هم قادة لنا؛ فنفوضهم فى التنازل عن أرضنا، وفى الموافقة على منع اللاجئين من العودة إلى أراضيهم؟

وهل من الممكن أن تتعايش فعلاً مع من قتل أباك، وخطف ابنك، واغتصب دارك، وسفك دم أمك وزوجك؟

إخوانى.. أخواتى

أدعوكم لمشاهدة هذا الفيلم؛ فهو يذكرنا ببعض ثوابتنا التى يريدون أن ننساها بقول "السلام عليكم".

http://www.ikhwan.net/vb/showthread.php?t=89820