الاثنين، ١٩ سبتمبر ٢٠١١

نصائح إخوانية – العمل الطلابي الجامعي (2)

1 – 2 : العمل العام:

العمل العام أو نشر الدعوة هو الثمرة الحقيقية للعمل التربوي؛ فتربية سليمة لا تعني فقط وجود أفراد ملتزمين دينياً أو متميزين أخلاقياً أو منضبطين تنظيمياً، ولكنها تعني انتشار هؤلاء الأفراد بسلوكياتهم وفكرتهم بين الناس؛ فيخدمونهم، ويرشدونهم ويتحملون أذى بعضهم - ويأخذون بأيدي البعض الآخر إلى طرق الخير المختلفة دونما طمع في مغرم، أو أجر إلا من الله سبحانه وتعالى..
والفكرة الإسلامية أوضح مما نظن عند الناس؛ ولكنها تحتاج إلى من يطبقونها على الأرض في أنفسهم؛ فيقتدون بهم، ويسيرون على دربهم؛ فالشعارات والأقوال يجيدها كل أحد، أما الفعل والصبر والتضحية فلا يجيدها إلا المخلصون المتجردون؛ لذا فإن الملصقات واللافتات والمؤتمرات ليست هي المسار الأساس للعمل العام، فالمسار الأساس في حالة الدعوة الإسلامية ينطلق بداية من إغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، وفتح سبل الخير؛ فتنطق الفكرة ولو عجز اللسان عن بيانها، وتتجمع القلوب ولو حالت بينها الحواجز..
ولتحويل هذا الأفكار إلى واقع معاش؛ فإنني أرى ما يلي:
أ- إلغاء الحملات المركزية:
كان العمل العام من خلال الحملات المركزية ثورة في وسائل العمل العام لاقت قبولاً واستحساناً عند معظم العاملين في مجال العمل الطلابي (مشرفين وطلاباً)؛ فقد أخرجت العمل من صورته التقليدية المعتمدة على الوسائل المتكررة كل عام وغير المهدفة بشكل جيد إلى أهداف واضحة المعالم محددة المقاصدة مركزة الفكرة.
وبعد مرور 7 سنوات على تطبيق هذه الفكرة، فهناك حاجة إلى النظر في مدى تحقق أهدافها، ومدى ملائمتها للمرحلة الراهنة بمستجداتها، ومتطلباتها المختلفة.
فمن وجهة نظري الشخصية أن هذه الحملات رغم مميزاتها العديدة قد ساهمت في تكون في عدة سلبيات رئيسة:
  • ضعف روح الابتكار والإبداع عند الطلاب؛ فالحملة المركزية يعدها قسم الطلاب (مشرفون خارجيون)؛ مما حول الطلاب إلى مجموعة من المنفذين الذين ينتظرون التكليفات لكي يطبقوها مما أفقدهم الثقة في أنفسهم، وفي قدرتهم على تقديم الطرح الذي يناسب جامعتهم، بالطريقة التي تناسب إمكاناتهم.
  • عدم ملائمة الحملات في أحيان كثيرة لجامعات مختلفة؛ فما قد يناسب جامعات القاهرة قد لا يناسب جامعات الأقاليم، وما قد يناسب جامعة القاهرة وعين شمس قد لا يناسب جامعة الأزهر، وما قد يناسب جامعات الدلتا قد لا يناسب جامعات الصعيد وهكذا؛ وأذكر أننا في جامعة الأزهر قد رفضنا تنفيذ حملة "ياللا نحب بجد" لأنها غير متناسبة مع مشاكل طلابنا الأزهريين.
  • عدم مشاركة عموم الطلاب في اختيار الحملة المناسبة لجامعتهم؛ بما يسمح بمشاركتهم في فعاليات الحملة التي أسهموا في اختيارها، وقد قامت جامعة عين شمس في إحدى السنوات بعمل استبيان لعشرة آلاف طالب لاختيار حملة العام من بين ثلاث خيارات مقترحة، وبالفعل اختاروا الحملة التي حازت على أعلى الأصوات مما ساهم في المشاركة الفعالة من عموم الطلاب في فعاليات الحملة، وقد رفضت جامعة عين شمس في هذا العام تنفيذ الحملة المركزية.
لذا فإنني أرى أن الحملات المركزية قد قامت بدورها المنشود في تعليم طلابنا كيفية تحويل الأهداف المنشودة لدعوتهم إلى حملة مركزة الوسائل والمناشط، وقد حان الدور على كل جامعة أن يقوم طلابها (لا مشرفوها) باستقراء واقع جامعتهم، وما تحتاجه من قيم، أو مناشط مع الاستعانة بعموم الطلاب للخروج بحملة تناسب واقعهم، ويشاركهم فيها زملاؤهم من غير الإخوان؛ مما سيكون له أثر كبير في التفاعل، والاستفادة من أهداف الحملة بإذن الله، كما أنه سيفجر الطاقات الطلابية في الابتكار والتصميم والتنفيذ بما يعود بالنفع على الدعوة خاصة والأمة عامة في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى.

ب- عدم الاكتفاء بأسرة الإخوان الطلابية الموجودة في الكلية:
أحد مشاكل العمل العام الطلابي من طلاب الإخوان هي ممارسة الدعوة "على الطلاب" وليس "مع الطلاب"؛ لأن مفهوم العمل الطلابي الإخواني كان قائماً على تقوقع طلاب الإخوان داخل كيان واحد - سواء كان رسمياً أو لا - والانطلاق من خلال هذا الكيان نحو الطلاب، فدائما ما تكون الأعمال كالتالي: "أسرة جيل النصر المنشود تدعوكم لحفل كذا، أو لمهرجان كذا، أو لمسيرة كذا" مما يجعل عموم الطلاب دائماً في صف المتفرج أو المشاهد لا الفاعل، أو المشارك، مما يفقد الكلية أو الدعوة وبالتالي الأمة كثيرا من الطاقات التي لا تستطيع الاندماج في العمل التنظيمي، ولكنها تحمل خيراً كثيراً.
لذا فأنا أنصح إخواني الطلاب بألا يكتفوا بالانتماء إلى أسرتهم الطلابية، بل يسارعو لإنشاء، أو الاشتراك في أسر طلابية أخرى، على أن يكونوا فاعلين بها ذاتياً، وأن تكون هذه المشاركة قائمة على التعاون في الخير دون رفع راية، أو إبراز اسم الإخوان مع عدم تخلي الفرد نفسه عن انتمائه الشخصي.. منتوين في ذلك التجرد لله تعالى، والمساهمة في نشر الخير بين الناس، وإرشاد الناس لسبل الخير؛ فشاب واحد واعٍ فاهم لدينه ودعوته قادر على أن يحرك خلقاً كثيراً بإذن الله.. وأقترح هنا أن تكون تلك النشاطات في شؤون الندوات العلمية، ودورات التنمية البشرية، وتطوير العملية التعليمية، والنظافة، وغيرها؛ لنقدم للناس نموذجاً راقياً لأصحاب دعوة نقية صافية تبحث عن الخير أياً ما كان.

ج- إنشاء لجان نوعية متخصصة:
كانت أكبر مشاكل العمل الطلابي الإخواني هي العمل بطريقة "اليوم بيومه"؛ فعندما يتم تحديد موعد عمل ما (مظاهرة أو مؤتمر أو مهرجان) بعد يوم أو يومين أو حتى أسبوع، يجتمع مسئولوا العمل العام في الكليات لبيحثوا في الآليات، والوسائل، والأشخاص المقترحين لتنفيذ هذه الوسائل، وبعدها يبدأ التجهيز؛ مما يخرج العمل بطريقة تقليدية متكررة لا إبداع فيها، وتحدث المشاكل المتكررة أيضاً بسبب "اللهوجة"، وعدم التخطيط الجيد، كما يتم إغفال مواهب كثيرة كانت قادرة على إنجاز ما هو أفضل..
لذا فإن وجود لجان نوعية دائمة مثل: الفنية، والإعلامية، والخطابة، والطباعة والتصميم، والأدبية، ومن الممكن أن يضاف إليها في ظروف الانفتاح الجديدة: العلمية، والجوالة، والسياسية، وغيرها..
هذه اللجان يكون لها انعقاد دوري ثابت، ولها برنامج عمل (خطة) يتضمن رفع كفاءة المنضمين إليها، وتنفيذ الأعمال المطلوبة منها (الطارئة وغير الطارئة) بكافة الصلاحيات..
على أن يكون لحضور هذه اللجان (التي تساعد في اكتشاف الموهوبين وتوظيفهم) أولوية على ما عداها من أعمال، ولا تمنع كلية من الكليات أحداً من أفرادها من الانتظام في مناشطها التحضيرية أو التأهيلية أو التنفيذية.
ومطلوب أيضاً من هذه اللجان ابتكار وسائل عامة غير تقليدية تستغل الانفتاح العام الموجود مثل عمل جريدة أو مجلة أسبوعية (بأيدي الطلاب فقط)، وعمل معارض فنية (لوحات - كاريكاتير - ...)، وندوات شعرية طلابية عامة، وغيرها.
د- الالتزام بقانونية الأعمال، ومطابقتها للأخلاق الإسلامية العامة:
نحن نريد أن نؤسس دولة قانون يخضع فيها الجميع لهذا القانون، ويلتزم به الجميع أيضاً؛ لذا فلا حاجة للقيام بأعمال دون الحصول على التراخيص القانونية المطلوبة لها، مع استخدام كل الوسائل المختلفة في الحصول على هذه التراخيص (الإقناع والتفاوض والضغط وتغيير اللوائح وغيرها)، كما يراعى في ذلك التعاون مع اتحاد الطلاب أيا كان توجهه لإعلاء قيمة التعاون، والحرص على المصلحة العامة، كما يمكن إنشاء أسر طلابية على مستوى الجامعة غير الأسر الطلابية المحصورة في الكليات للقيام بالأعمال العامة على مستوى الجامعة، وهذا الالتزام القانوني يرفع من شأن الدعوة، والقائمين عليها أمام أعين الإدارة وزملائهم من الطلاب.
أما بالنسبة للالتزام بالأخلاق الإسلامية فأقصد به عدم تعطيل المحاضرات، أو تشويه الجدران، أو رفع أصوات مكبرات الصوت بما يعطل الدراسة، أو التعامل بشكل يحمل صورة من صور عدم الاحترام نحو الموظفين، أو العمال، وبالأحرى أعضاء هيئة التدريس..
كل هذه الأشياء رغم بساطتها إلا أن لها أثراً كبيراً في فتح القلوب المغلقة، وتقبل العقول الناقدة أو الناقمة.

هناك تعليق واحد: