السبت، ٢ يونيو ٢٠٠٧

مذكرات ومغامرات مندوب - 2

بعد أحداث الجزء الأول

سأل الضابط أحد القضاة عن إمكانية دخولنا إلى المدرسة حيث مقر عدد من اللجان الفرعية، فأذن لنا بالدخول؛ فحمدت الله سبحانه وتعالى على نعمه، وشعرت بأن الحلم قد بدأ يتحقق وأنى سأكون فى أمان.
دخلت اللجنة بالفعل وتعرفت على القاضى الموجود باللجنة، وكان من حظى والحمد لله أن كان رئيساً لمحكمة جنايات.. قاض جليل فى نهاية العقد السادس من عمره؛ فاستبشرت خيراً بصحبتى لهذا الرجل.

كما تعرفت على أمينى سر اللجنة وهما موظفان عموميان من إحدى قرى محافظة الشرقية، تلمس فى وجوههما الطيبة الشرقاوية المعروفة.
وقد كنت أول مندوب فى لجنتى حيث لم يأت باقى المندوبين الممثلين لباقى مرشحى الإعادة.
قدمت للقاضى التوكيل الخاص بى من م/ إبراهيم أبو عوف (وهو من كشف خلال عضويته بالمجلس فضيحة القمح المسرطن) ، (وبالطبع كان هذا التوكيل صادراً من سجل مدنى المنزلة، وليس من سجل مدنى منية النصر حتى لا يرفض موظفو السجل اعتماده؛ لأننا كما نعرف فى بلد القانون!!) فسجله عنده فى السجلات الخاصة باللجنة، وسرعان ما أتى أحد المندوبين الآخرين، فسجل اسمه، وبذلك وقعنا على المحضر الرسمى للجنة، وقمنا بالتصويت قبل حضور الناخبين، وبالطبع كان أول صوت فى اللجنة للمهندس/ إبراهيم وهو بالطبع صوتى، وقلت: "افتتاحها مسك" إن شاء الله.
كان باقى اليوم مملاً.. حيث غاب المُصوتون؛ لأن المرشح "ابن البلد" قد خرج فى الجولة الأولى (وكأن المرشحين الآخرين من جمهورية الواق واق مثلاً)؛ فأصيب أهل البلد بالإحباط، ورفضوا الحضور، وقد حكى لى الإخوان أنهم يحاولون إخراج الناس بأى شكل؛ ولكن الرفض كان هو السائد.
فقد أثار (ابن البلد) الناس، وحفزهم لانتخابه (كى ينال حظ التصفيق فى المجلس لقرارات الحزب الوطنى المخربة للبلد)، ولكن لأنه "ابن بلدنا" لم يحصل على أصوات من البلاد الأخرى لأن لديهم "ابن بلدهم" أيضاً، وهذا من عميق الفكر الذى حبا الله به عباده!!!
وهو أمر غريب جداً أن تتحول مصر إلى مجموعة من البلاد، تسعى كل بلد إلى نفسها وحظها وأبنائها على حساب المصلحة العامة!!
ولكن على العموم هذه آفة الانتخابات فى مصر حيث تعلو العصبيات، ويغيب صوت العقل.
واستمر اليوم هكذا حيث زاد عدد الناخبين طوال اليوم فى لجنتى - بعد المجهودات المضنية التى بذلت لإحضار الناس - عن حوالى 150 ناخباً بقليل، وذلك بمعدل 15 ناخب فى الساعة الواحدة، مما جعل اليوم مملاً فعلاً.
ولكن رغم هذا الملل فقد رأيت المرشح (ابن البلد) وهو يمر على اللجان (لماذا؟!!!) وهو يخبر القضاة بأنه قد ظلم، وأنه صاحب الحق فى الإعادة، وأنه...، وأنه...، وقلت فى نفسى: لله فى خلقه شئون.
والغريب بأنى قد سمعت بأنه انتخب وبصوت عال مرشح الحزب الوطنى قائلاً: "وآدى صوتى للى زوروا له الانتخابات". ولأترك هذه بلا تعليق!!!!!!!
واسترجعت ما سمعته فى مؤتمرات (ابن البلد) من أحد المتحدثين (المتسلِّفين) من أن "ابن البلد" له ثلاثة حقوق (بالشرع طبعاً) حق الجيرة وحق الإسلام وحق القرابة (وهى والله نكتة لا تستحق التعليق).
وما سمعته (نقلاً) من أن أحد مشايخ الأوقاف (العلماء!!!) قد وصفه بأنه سابع(!!!) الخلفاء الراشدين (يا هوووووووووه!!!).
كما تذكرت كم التخويف الذى بثه أنصار (ابن البلد) للإخوان.. من التهديد الصريح بالضرب والإيذاء للنساء قبل الرجال لكل من يحاول منهم (فى الجولة الأولى) من الاقتراب من اللجان (كأنهم الصهاينة!!!).
رأيت كل ذلك أمام عينى وأنا أشاهد (ابن البلد)، وقلت: غفر الله للجميع.
كما أنى قد تعرفت على القاضى الفاضل بصورة أكبر بعد أن تجاذبنا أطراف الحديث، وعرفت منه أنه إنسان متدين جداً، وكذلك زوجه وأولاده.. وحمدت الله أن مصر ما زال بها أمثال هؤلاء الناس العظماء.
أما أمناء سر اللجنة فكانوا حكاية..
الأول كان لا يكف عن الأكل طوال اليوم، عرض عليه القاضى من طعامه فأكل، وعرض عليه أحد المندوبين فأكل، وكان معه طعامه الخاص به فأكل منه أيضاً.
وبالمناسبة فقد نسى الإخوان أن يحضروا لى طعاماً طوال اليوم؛ فظللت جوعاناً طوال اليوم، فقلت: الحمد لله!!!!
أما الثانى فقد كان ممن يسمون بـ "الفهلوية"، وممن يحبون الحكايات، والحديث عن البطولات.
ومن حكاياته: كيف شارك فى تزوير انتخابات الرئاسة، ووضع الأصوات بيده فى الصناديق، وكيف كان يشارك فى تزوير الانتخابات السابقة قبل إشراف القضاة، لذا فقد أصبح متخصصاً فى التزوير (بئس التخصص).
وقد اتهمنى هذا "الفهلوى" بأنى "مش مفتح دماغى" و"مش مطأطأ"؛ لأنى عطلته عن خداع القاضى أكثر من مرة بالوقوف على رأسه عند البحث عن أحد الأسماء؛ لأن سيادة الأمين كان يريد لحاملى الأسماء الخاطئة (أو المزورة) أن يوقعوا مكان أسماء أخرى مستغلاً بعد القاضى عنه عند البحث عن الأسماء.
وقال لى: أنه يفعل ذلك للمصلحة؛ لأن الحزب الوطنى يزور، ويمنع الناس من الدخول، و...؛ فأخبرته: أنى مستغن عن شرف "تفتيح الدماغ" و"الطأطأة" لأنها ليست من أخلاقنا ولا من ديننا.
ومن الأحداث المثيرة المحزنة فى هذا اليوم اتصال بعض الزملاء لإخبارى بما حدث فى برمبال - بلد مرشح الإخوان - من ضرب بالرصاص الحى، وإصابة بعض الأهالى بإصابات خطيرة، وحاجة بعضهم العاجلة لنقل الدم لتعويض النزف..
وقلت: يا سبحان الله.. أيقتل الناس بهذه السهولة؟ ولأجل ماذا؟
هل عضوية مجلس الشعب تستحق أن تسفك الدماء من أجلها؟
ألهذا الحد يخافون من الحرية؟ يخافون من كشف الفساد؟

زاد ذلك من قناعتى بحاجتهم فى هذا المجلس إلى مجموعة من المصفقين.. تحمى الفساد وتصفق له.. تصفق لتفويض البلد بمن فيها لشخص واحد..
مجموعة من المطبلين.. تحمى نهب المال العام.. تحمى "ممدوح إسماعيل" قاتل الناس فى عباراته المتهالكة.. تحمى صاحب شركات "الفياجرا" المهربة.
مجموعة من المتواطئين.. تحمى قانون الطوارئ، واعتقال الناس فى منتصف الليل.. تحمى وزارة الداخلية التى تفزع الناس فى أقسام الشرطة بدلا من أن تؤمنهم.
هذا هو عضو مجلس الشعب الذى يريدونه.. ولا فرق لديهم أن يكون هذا العضو "ابناً للبلد" أو مرشحاً للحزب الوطنى.. المهم: أنه سيبصم دون أن يقرأ.
فالأمر إذن يستحق سفك الدماء، وتزوير الكشوف، وترويع الآمنين..
قلت: {ليت قومى يعلمون}.
عشت فى هذه اللحظات فى قلق عميق خوفاً على هؤلاء المصابين، وخوفاً من أن تزهق نفس؛ فتشكو إلى بارئها ظلم الظالمين، وظلم من ساندهم بالصمت أو بالتأييد.
لم أطمئن على المصابين إلا بعد انتهاء اليوم، وإن كان القلق لم يزل نهائياً؛ لأنهم قد نقلوا إلى مستشفى الطوارئ فى المنصورة، ودعوت الله لهم بالشفاء.
ومما أتذكره فى هذا اليوم ما قاله مندوب مرشح الحزب الوطنى "عمال" أن بلد مرشح العمال المنافس (الذى أصبح أيضاً "وطنى"!!!) واسمها الكردى تعطى أصواتها لمرشح الحزب الوطنى "فئات"، وبلد مرشح الحزب "فئات" واسمها "البجلات" تعطى مرشح العمال "اللى ماكانش وطنى وبعدين بقى وطنى"، "طبعأً ماحدش فاهم حاجة"، ولا تعطى مرشح الحزب الأصلى، وقلت له: إن هذا متوقع من أصحاب الفكر الجديـــــــــــــد؛ فالحزب الوطنى ما هو إلا مجموعة من أصحاب المصالح لا يربط بينها إلا رابط هذه المصالح؛ فالقيمة هى المصلحة الشخصية حيث كانت.
وأيضاً مر رئيس اللجنة العامة على المدرسة، ووجدته قاضياً صغير السن، مما أثار الاستغراب فى نفسى.. كيف يرأس هذا القاضى الصغير اللجنة العامة، فى حين يرأس قاض جليل رئيس لمحكمة جنايات لجنة فرعية..
سألت القاضى هذا السؤال؛ فأخبرنى أن هذا القاضى (رئيس اللجنة العامة) كان وكيلا للنيابة تحت رئاسته وقت أن كان رئيساً لمحكمة!!!
ولكنه قال لى أن هذا الأمور لا تفرق معه، وهو يؤدى واجبه بما يرضى الله سبحانه وتعالى وفقط.
أقلقنى هذا الأمر، وزاد الشكوك التى أثيرت حول تغيير النتيجة فى الجولة الأولى، ولكنى كنت أدرك أن الله سبحانه وتعالى هو الذى يدبر مهما دبر الآخرون.
ونظراً لثقتى فى القاضى، ونظراً لهدوء الجو فقد تحركت بحرية، وخرجت من اللجنة أكثر من مرة.. مرتين لصلاتى الظهر والعصر، ومرة للطعام حيث ذهبت لبعض أقاربى للغداء معهم (بعد أن نسينى الإخوان) وقد كان ذلك قبل غلق اللجنة بساعة تقريباً.
وعدت وقتها إلى القاضى وبدأت أحادثه حول مغامرة جديدة رغبت فى فعلها.
هذه الرغبة هى دخول لجنة الفرز..
فأخبرنى القاضى بـ ...


وعند ذلك تبدأ أحداث الجزء الثالث.

هناك ٣ تعليقات:

  1. شكلك مدايق قوى عشان نسوك الاخوان فى الاكل ولا يهمك
    انا اعرف واحد بيروح تبع الحزب الوطنى عشان بيدهم رغيف كباب وعشره جنيه وارعف واحد كان تبع الغد كان بيروح ياعد مع الوطنى عشان رغيف الكباب تصدق الكباب بيغير النفوس

    تحياتى

    ردحذف
  2. تفاعلات كثيرة في الموضوع مش بس الحزبية فعلا المصالح والقبلية والفهم الخاطيء لبعض الناس والكباب!!

    ردحذف
  3. هانقولا ايه بس
    حسبنا الله ونعم الوكيل
    بس الغلط مننا احنا
    ومن الشعب المصرى الكسول اللى عايز قطع رقبته
    ربنا يستر علينا بقى
    ابقى زور مدونتى سلام عليكم

    ردحذف