الاثنين، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٠

الأهداف الكبرى

Goals

لكل واحد منا أهدافه الكبرى التي يحلم بتحقيقها على المستوى الشخصي أو على المستوى العام..

ولكي تتحقق تلك الأهداف الكبرى (الاستراتيجية) لا بد لها من أهداف مرحلية تمهد لها الطريق، وتقرب إليها البعيد، وتذلل منها العسير.

وينبغي أن تكون الأهداف المرحلية واقعية، ومرنة كما ينبغي لها أن تكون محددة بوقت، وقابلة للتطبيق بعكس الأهداف الكبرى التي هي أقرب للأحلام منها للواقع؛ ونادراً ما ترتبط بوقت؛ لذا فإن الأهداف المرحلية هي الأكثر أثراً، والأكثر جهداً، والأكثر إنتاجاً.

وكما يندر من البشر من يضعون لأنفسهم أهدافاً كبرى، فإنه يندر من ذوي الأهداف الكبرى من يربطها بأهداف مرحلية، وكذلك يندر من هؤلاء من لا تشغله أحلامه (أهدافه الكبرى) عن واقعه (أهدافه المرحلية).

وما ينطبق على الأفراد، ينطبق أيضاً على الأمم والجماعات..

فالأمم والجماعات الحية تتفق على أهداف كبرى (المشروع القومي مثلاً) تحتاج لتحقيقها أهدافاً مرحلية واقعية تتسم بالمرونة وقابلية التطبيق..

ويفشل من هؤلاء، وأولئك من يعيش الحلم (الهدف الكبير) بكل كيانه، وأحاسيسه؛ فينسى الواقع وتعقيداته، ويتصلب فيما يحتاج المرونة، ويحاول تطبيق ما لا تتيحه الظروف، ويتشدد فيما يحتاج التيسير، وينشغل بالمرجوح عن الراجح، ويخلط الوسيلة بالهدف..

وغالباً ما يشغل الأعداء ذوي الأهداف – دون شعور منهم – بالقضايا الكبرى (الأهداف الكبرى)؛ ليغفلوهم عن التفاصيل والمراحل (الأهداف المرحلية)؛ فيستغرقهم الجهد في إثبات الوجود تارة، وفي الدفاع عن الفكرة تارة، وفي أهلية المشروع تارة، فيخرجون من هذه إلى تلك وهم مستنزفون مبتعدون عن أهدافهم المرحلية التي كانت حتماً طريقاً وحيداً لتحقيق الهدف الكبير.

والناظر إلى حال الإخوان في الفترة الحالية يدرك أنهم قد وقعوا أسرى الانشغال بالحلم، فغفلوا عن الواقع.

فإن كان هدف الإخوان الكبير هو إصلاح الأمة – كلها – وتحكيمها بشرع الله – الذي هو من حيث مقاصده حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، فستبقى أهداف ذلك المرحلية هي: إصلاح الفرد، والأسرة، والمجتمع.

وإذا أردنا أن نقيس مدى قرب الإخوان أو بعدهم عن إصلاح الأمة (الهدف الكبير)، فلا بد أن نقيس مدى القرب من تحقق إصلاح الفرد، والأسرة، والمجتمع (الأهداف المرحلية).

والناظر المدقق في السلوك الفعلي للإخوان (كقيادة، وكأفراد) يدرك أنهم مشغولون بالحديث عن والترتيب للقضايا الكبرى (الانتخابات العامة، والشعار، والإصلاح السياسي، والتنظيم، والانتخابات الداخلية، والصراع مع الأمن، و…) بينما ينحدر الفرد، والأسرة، والمجتمع نحو الحضيض القيمي، والأخلاقي، والاجتماعي..

فمن منا ينكر أن المجتمع المصري (وكل مكوناته الأصغر) قد صار أسوأ حالاً مقارنة بعشر سنوات مضت؟

ومن منا ينكر أن التدين الحقيقي في طريقه للاختفاء، وأن التدين السطحي يحل محله بسرعة عجيبة؟ فيكثر النقاب، والجلباب، والسواك بينما تختفي المروءة، والشجاعة، والأمانة، والإحسان، ويكثر المصلون، وتنتشر الجرائم، ويكثر الحجاج والمعتمرون، ويكثر المرتشون والفاسدون، والغريب أن خلقاً كثيراً يجمع بين هذه المتناقضات؛ فتجد المصلي المهمل، والمعتمر المرتشي، والحاج الفاسد، وهكذا.

ومن منا ينكر انهيار التعليم، وضحالة الثقافة لمعظم الشباب؟ ونظرة واحدة على شباب الجامعات (المتدين وغير المتدين)، وعلى التعليقات التي تتذيل مقالات الرأي، وأخبار الصحف الإليكترونية تدلنا على مدى الجهل، والتخلف الذي يغمر شباب اليوم الضائعين التائهين المغيبين.

ومن منا ينكر تفسخ المنظومة الأسرية التي كانت حتى وقت قريب صمام الأمن للأسرة المصرية كلها؟ فمن شاب لا يستطيع الزواج إلى شاب لا يعرف ماهية الزواج، ومن زوج مسافر لطلب الرزق، إلى زوجة لم تشعر بالسكن كما أراده الله، ومن أسر تتزاوج لتتقارب فتتنافر، إلى …

ومن منا ينكر القسوة الزائدة لضباط الشرطة؟ ومن منا ينكر جشع أصحاب الأعمال (الصغير منهم والكبير)؟ ومن منا ينكر تلاشي إحساس المسئولين بالناس؟ ومن منا ينكر ضعف رجال العدل الجدد؟

أليس هؤلاء جميعاً نتاجاً لهذا المجتمع المتفكك يوماً بعد يوم؟

والإخوان في طريقهم ماضون؛ فلا يتوقفون لحظة ليراجعوا الدرب، وأهل الطريق!

وأهل الفساد يشغلونهم بالأضواء الباهرة، والأصوات الزاعقة، وهم في طريقم ماضون.

أقفلوا في وجوههم المساجد.. شبابهم يبتعدون عن المساجدون.. وهم في طريقم ماضون.

قل علماؤهم .. شبابهم لا يتفوقون، أفرادهم لا يقرؤون.. وهم في طريقهم ماضون.

انشغلوا بالدنيا.. قلت أخلاقهم، وهم في طريقهم ماضون.

انصرفوا إلى التنظيم.. ابتعدوا عن الناس، وهم في طريقهم ماضون.

أي طريق هذا؟ أهو حقاً صراط مستقيم؟

هل طريق ينحرف بأصحابه هو طريق الغاية فعلاً؟

هل طريق يبتعد برحله عن جيرانه.. عن أقربائه.. عن أبنائه.. عن إخوانه.. هو طريق لا يقبل المراجعة فعلاً؟

يا قومنا أفيقوا.. يا قومنا أفيقوا..