السبت، ٢ يونيو ٢٠٠٧

مذكرات ومغامرات مندوب - 1

فى ظل أجواء انتخابات مجلس الشورى الحالية، وما يصاحبها من أفلام هزلية تقوم بتمثيلها، وتأليفها، وإخراجها حكومتنا السنية..
وفى ظل أجواء احتدام النقاش حول
شعار "الإسلام هو الحل" فى ساحة المدونات، ثم على صفحات الجرائد الموضوعية جداً!!!
وفى ظل عدم رغبتى فى الخوض فى هذا النقاش الذى أراه مثمراً، وبناءً؛ إلا أن فتحه فى هذا الوقت قد جانب الصواب؛ لأن الأولى كان فى طرح الأمر للنقاش قبل اتخاذ قرار بشأن انتخابات الشورى، وتحديد شعار الإخوان الانتخابى فيها، أو أن يؤجل الأمر حتى تنتهى هذه الانتخابات وبهذا تدخل المناقشة فى إطار التقويم، والتصحيح..
فى ظل هذه الأجواء أردت تذكر آخر انتخابات نيابية فى مصر، والتى تمت فى عام 2005 فى ظل آخر إشراف قضائى على الانتخابات..
أتذكر فيها دورى كمندوب فى لجنة فرعية فى إحدى دوائر محافظة الدقهلية فى صورة هوامش، ومغامرات كتبتها من قبل فى موقع
صوت منية النصر.


والآن أترككم مع:

مذكرات ومغامرات مندوب (1)

المكان: لجنة (..) بمدرسة (..)
الزمان: 7/12/2005
الحدث: جولة الإعادة لانتخابات مجلس الشعب 2005

كانت الأجواء المحيطة بهذا التحقيق - أو بمعنى أدق هذه المغامرة - ملتهبة جداً..
فهى مغامرة أن تكون مندوباً فى لجنة فرعية فى انتخابات مصرية (لأنها طبعاً أم الدنيا)، ومجازفة أن يكون ذلك لأحد مرشحى الإخوان المسلمين..
ولكيلا أطيل عليكم؛ أدخل فى التفاصيل:
أنا مندوب لجنة فرعية لمرشح الإخوان فى دائرة منية النصر؛ والمنافس هنا هو رئيس اللجنة الدستورية السابق فى مجلس الشعب المصرى (طبعاً حصلنا الرعب)؛ وكما تعلمون فإن اللاعب الرئيس فى الانتخابات المصرية (النزيهة جداً) هو أمن الدولة (أقصد أمن النظام طبعاً).
المهم.. عرفت ليلة الأربعاء - بعد أن رجعت من القاهرة - دورى المطلوب وهو أن أكون مندوباً داخل اللجنة الفرعية المقيد بها اسمى فى الجدول الانتخابى، وقلت لنفسى: الحمد لله، سأكون فى أمان فأنا تحت حراسة القاضى ولن يجرؤ أحد من أمن (..) أن يقترب منى.
وطبعاً كان هذا من قبيل التمنى لا من قبيل الحقيقة؛ فأنت فى مصر (أم الدنيا) لا تدرك مصيرك المحتوم، ولا قانون يحميك ولا "يحزنون" فهم القانون والقانون هم.
وبالطبع لأننا فى بلد الأمن والأمان طُلب منا ألا نبيت فى بيوتنا؛ حتى لا تتشرف بيوتنا بحماة الوطن، وزوار الليل فى وقت السحر (طبعاً لعقاب الأخ النائم لأنه لم يستيقظ لقيام الليل). ولكنى قلت لنفسى: أنا "غلبان"، وأعيش فى القاهرة.. وما أنا إلا فرد ضعيف غير معروف لـ "حماة الوطن"، كما أنى ما زلت مشروع أخ يمشى بداخل "الحيط"؛ ولذلك قررت أن أنام فى البيت.
وكان الترتيب أن يلتقى كل مجموعة من مندوبى اللجان الفرعية فى مكان ما بعيداً عن الأعين، وذلك فى الصباح الباكر حتى نصل إلى أرض المعركة (أقصد المدرسة)..
وكان مكان اللقاء عند ...
عند ...
(اللهم احفظنا) المقابر، إى والله فى المقابر، ويبدو أن هذا إدراك من الإخوان للنهاية المحتملة للمعركة (أقصد هذه المرة: الانتخابات).
ذهبت إلى أرض المأوى والمستقر (إن آجلا أو عاجلا) فى الساعة المحددة، ودخلت وأنا مرعوب (هذه طبعاً بداية الشجاعة) فقد كنت بمفردى، وزاد هذا من رعبى، وارتعشت الأيدى، وتخلخلت الركب، وزاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، حتى سمعت صوتاً قريباً، فقلت: الحمد لله.. "هى كانت ناقصة رعب".. أليس كافياً أننى مندوب فى لجنة.. "كمان" يتركوننى بمفردى.
طبعاً لكيلا أطيل عليكم (هكذا يقولها كل المشايخ المحبوبين!! على المنابر) قابلت بعض المندوبين الذين وصلوا قبلى - ولكن إلى مكان غير الذى أتيت إليه - وأفهمونى أن مجموعتى من المندوبين فى مكان آخر، فذهبت إليهم شجاعاً مقداماً (!!) ناطقاً بالشهادتين وممنياً نفسى بحماية القاضى (طبعاً لو دخلت اللجنة أصلاً).
ووصلنا بعد فترة هى فى عمر الزمن قصيرة، وعلى نفسى كانت كالدهر إلى أقرب مكان من اللجنة، وفوجئت أن إحدى القنوات الفضائية تثبت محطة الإرسال الخاصة بها هناك، وهنا قلت لنفسى: الله أكبر، سندخل اللجنة مكبرين ومهللين تحت حماية مراسلى هذه القناة، وهنا ثبتت الأقدام، وانتصب الجسد، وتحركت الأقدام.
وإن كانت نفسى (الموسوسة) ذكرتنى بقولها: أنسيت أن الفضائيات كانت فى كفر شكر وقبلها فى الإسكندرية، ولم يمنع ذلك حماة الوطن (!!) من حماية الوطن من أمثالنا (أقصد ....).
واقتربت أكثر من اللجنة ومعى زميلان وفوجئت أن قوات الأمن ما هى إلا ضابط برتبة ملازم أول، وجنديان أو ثلاثة على ما أذكر.. وتنفست الصعداء.. واستجمعت كل قواى (التى كانت كل واحدة منها منفصلة عن الأخرى) وذهبت إلى الضابط وقلت له: أنا مندوب وأريد دخول اللجنة، فكلمنى بكل أدب وقال: ممنوع دخول المندوبين حتى يأتى كل القضاة أو يأذن الحاضرون منهم بالدخول.. فاحترمت نفسى طبعاً، وقلت: فلننتظر.
كانت الساعة وقتها تسبق الثامنة بعشر دقائق تقريباً، فاستعنت بالله وقلت: اللهم اكفناهم بما شئت وكيف شئت.. وتسامرت مع بعض الزملاء قبل الدخول.
حتى حانت الساعة الثامنة، فذهبت عندها مرة أخرى إلى باب المدرسة، وتحدثت مع الضابط ثانية بشأن الدخول؛ خاصة وأن هذا هو موعد فتح الصناديق، ولا بد أن ندخل قبل الناخبين حتى نعد محضر اللجنة الفرعية مع القاضى رئيس اللجنة، فالتفت الضابط لأحد القضاة وسأله ....

وعند ذلك تبدأ أحداث الجزء الثانى..

هناك ٣ تعليقات:

  1. اسلوبك فى السرد من اروع مايمكن
    وشوقتنى للجزء الثانى
    وجهة نظر
    انا زعلان من اشتراك الاخوان المسلمين فى مايسمى انتخابات الشورى كان من المفروض ان تغرد مع السرب ( اى قوى المعارضه )بس
    تحياتى

    ردحذف
  2. أخى الفاضل
    جزاك الله خيراً على إطرائك للمغامرة، وانتظر الجزء الثانى قريباً جداً إن شاء الله.

    أما بالنسبة لانتخابات الشورى؛ فهو موضوع يطول؛ ولكن ببساطة لى عليه بعض النقاط:
    1- أن دخول، أو عدم دخول الانتخابات هو اجتهاد سياسى قابل لاختلاف الرأى؛ فقد تراه أنت سيئاً، وقد أراه أنا جيداً؛ وقد يصح اليوم، وقد يسوء غداً، وهكذا.
    2- الأمر فعلاً عند الإخوان - مع احترامى لكل السياسيين - دعوة قبل كونه أمراً سياسياً بحتاً؛ بمعنى أن الانتخابات فرصة للتواصل مع الناس، وتوصيل مفاهيم دعوية لهم سياسية، أو خدمية، أو اجتماعية؛ لذا فنظرة الإخوان للانتخابات أكثر تعقيداً من غيرهم من الأحزاب.
    3- الانتخابات فعلاً مهما كانت سوءاتها هى فرصة لإعداد كوادر، وكفاءات، ورموز مجتمعية (أو كما قال د/ عصام العريان هى ورشة عمل كبرى يتعلم منها كل أفراد الإخوان).
    4- قد تكون المقاطعة الكاملة حالياً تأكيد للنظام على أن المعارضة قد استسلمت، وأن الساحة باتت خالية؛ وحينئذ سيسرعون بما هو أسوأ.
    5- الأحزاب المصرية نصف الحقيقية لم تتفق على مقاطعة الانتخابات؛ بل اختلف الأمر من حزب لآخر، ومن رفض المشاركة (مثل حزب الوفد) وافق على التعيين؛ بل وسمح لبعض منتسبيه بالدخول الفردى!!!!

    فى النهاية أخى الفاضل الأمر أمر نسبى قد يختلف من وقت لوقت، ومن رؤية لأخرى، ومن مكان لآخر.

    وجزاك الله خيراً.

    ردحذف
  3. شكراا للتوضيح

    تحياتى

    ردحذف