الثلاثاء، ٢٧ فبراير ٢٠٠٧

ماذا قدم الإخوان؟

هذا عنوان رسالة كتبتها لإحدى المجموعات البريدية رداً على سؤال وجهوه لى حول ما قدمه الإخوان المسلمون طوال تاريخهم الذى قارب الثمانين عاماً للمسلمين عامة ولمصر خاصة.
وقد صار هذا السؤال مطروحاً وبقوة من أناس يجهلون عن الإخوان الكثير، حتى ظن بعضهم - بحسن نية، أو بجهل - أن الإخوان لم يقدموا شيئاً فى مقابل تضحياتهم التى صارت جزءاً من مشروعهم الذى يعيشون به، وله.
وأعيد نشر هذه الرسالة اليوم دون تعديل - إلا فيما يتناسب مع كونها مقالاً لا رسالة؛ لعلها تعلم الجاهل، وتوقظ النائم، وتثبت السائر.
"من أراد أن يعرف ماذا قدمه الإخوان للمسلمين عامة وللمصريين خاصة فلا بد أن يعرف حال الأمة قبل ظهور دعوة الإخوان.
فلقد سقطت الخلافة الإسلامية فى عام 1924م، وبالتالى انفرط العقد الرمزى - فى ذلك الوقت - الذى كان يجمع المسلمين، وكانت كل البلاد الإسلامية محتلة – صغيرها وكبيرها، وأوجد الاستعمار حوله طائفة من الساسة المنتفعين من وجوده، وطائفة من المثقفين تعلمت فى بلاد الغرب، فلم تعد ترى من سبيل لنهوض هذه الأمة إلا من خلال الغرب، وفكر الغرب، وحياة الغرب، مع تطليق بائن لكل ما تنتمى إليه هذه الأمة من فكر وحضارة – والإسلام بالطبع فى صدارتها.
وفى خلفية الصورة شعوب محتلة متخلفة أكل منها الجهل ما أكل، وانتشر الفقر والمرض بين أبنائها فصاروا فريسة سهلة للأكلة التى تداعى إلى قصعتها.
وصار الإسلام حبيساً بين المساجد التى لا يرتادها إلا كبار السن والعجزة، ولا تقرب المرأة من المسجد أبداً لا من قريب ولا من بعيد إلا لزيارة الأضرحة والموالد.
ولم يشذ عن هذه الصورة إلا بعض الأوفياء لهذا الدين وهذا الوطن (أمثال: الشيوخ جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده ومصطفى المراغى – والزعيم مصطفى كامل – وبعض الأدباء من أمثال: مصطفى صادق الرافعى وعباس العقاد لاحقاً ومحمود سامى البارودى الخ...) ولكن ظل هؤلاء الأوفياء بعيدين عن دائرتى التأثير الرئيسيتين فى أى مجتمع وهما السلطة والجماهير.. فلمواقفهم السياسية والفكرية تم إبعادهم عن دائرة السلطة، ولأفكارهم الثقافية الفوقية – غير المختلطة بعموم الناس - ابتعدوا عن الدائرة الثانية.
هكذا كانت الصورة.. صورة قاتمة لا يرى فيها بصيص ضوء لا من قريب ولا من بعيد..
ولمحاولة تغيير هذه الصورة القاتمة قام حسن البنا بإنشاء جماعة الإخوان المسلمين، جماعة تعيد الناس للإسلام من معينه الصافى القرآن والسنة، تعيد للإسلام مجده، وللمسلمين عزهم..
هكذا كانت الفكرة فى الإسماعيلية للشاب ذى الاثنين والعشرين عاماً؛ فاستفاد من أخطاء من سبقوه وخاطب الدائرة الثانية – دائرة الجماهير البسطاء منهم – كلمهم عن الإسلام الذى يحبونه، ولكنهم لا يعرفون كنهه.. يحبونه ولكنهم لا يعملون لرفعته.. يحبونه ولكنهم لا يقدرونه قدره..
أعلمهم – بالعمل قبل الكلام – أن الحل لمشاكلهم فى هذا الدين العظيم الذى راكم أعداؤه عليه التراب حتى لا يرى أهله صفاءه ونقاءه..
وأعلمهم أن خروج المستعمر يحتاج إلى قوة السلاح، وأن لا سلام لمستعمر ينهب أرضنا وثرواتنا بالتعاون مع حفنة ضالة احترفت سرقة هذا الوطن على أجساد أبنائه..
وكما خاطب – هو وإخوانه – البسطاء، خاطبوا أيضاً علية القوم من المثقفين والساسة والأدباء، حتى اقتنع بالفكرة وعمل لها المستشارون – من أمثال المستشار حسن الهضيبى والمستشار عبد القادر عودة – والمحامون والأطباء والمهندسون والمدرسون والفلاحون والعمال، حتى صارت شعب الإخوان 4000 شعبة فى كافة أنحاء القطر المصرى - وانتشرت بعد ذلك فى سبع وسبعين دولة - تجذب إليها كل طبقات المجتمع.. الغنى والفقير.. المتعلم والجاهل.. المثقف والبسيط.. الخ... (http://www.daawa-info.net/books1.php?parts=135&au=حسن%20البنا )
ولكى أضع القارئ فى الصورة أسرد بعض الأمثلة (من الماضى والحاضر) كى تتبين المعالم أكثر وأكثر:
- كان رواد المساجد من كبار السن، فأصبح الشباب هم القائمين عليها يعلمون الناس دينهم ودنياهم.
- لم يكن للأطفال أن يدخلوا المساجد ليتعلموا دينهم منذ الصغر، فصارت وجهة لهم، ومدرسة للجمعة يجلسون فيها مع أستاذهم فيعلمهم ويلاعبهم حتى يرتبطوا بالمسجد والدعوة.
- لم تكن المرأة لترتاد المساجد وهو ما يخالف حال صحابيات رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فعدن على يد الإخوان.
- أعادوا السنن التى طمرت كصلاة العيد فى الخلاء، ومازال الإخوان ينظمون معظم الساحات فى كافة أنحاء القطر.
- لم تكن هناك أماكن للصلاة داخل جامعة فؤاد الأول – القاهرة حالياً – حتى أذن أحد طلبة الإخوان فى كلية الحقوق للظهر، وصلى بمفرده وظل كذلك حتى بدأ العدد يزداد رويداً رويداً فاضطرت إدارة الجامعة إلى أن تخصص لهم إحدى الغرف للصلاة، وصارت بعد ذلك ضرورة لأى كلية أو إدارة تنشأ.
- وجه حسن البنا رسالة للساسة المصريين يدعوهم فيها للعمل بالإسلام اقتصاداً واجتماعاً وسياسة بصورة لم يسمعها هؤلاء من قبل. (رسالة نحو النور http://www.daawa-info.net/books1.php?id=5135&bn=195&page=13 ).
- استفاد الإخوان من الجوالة فأنشأوا المعسكرات فى القطر المصرى كله ليدربوا الشباب على النظام والصبر والجلد (http://www.daawa-info.net/books1.php?parts=135&au=حسن%20البنا ).
- أنشأ الإخوان المدارس (والأمثلة الحالية: الهدى والنور فى المنصورة، والجيل المسلم فى طنطا والمحلة وسمنود، والرضوان فى مدينة نصر، والجمعية الإسلامية فى بنى سويف.. الخ)، والمصانع (غزل ونسيج ومحاجر وغيرهما)، وشركات (مطبعة، ودار نشر، الخ...)، والصحف والمجلات (الإخوان المسلمون، والنذير، الخ...)، وجمعيات خيرية (الجمعية الطبية الإسلامية حالياً، وقبل ذلك الجمعيات الخيرية الإسلامية فى كل المحافظات). وللمزيد كتاب: الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ للأستاذ/ محمود عبد الحليم.
- أقض شباب النظام الخاص مضاجع الاحتلال الإنجليزى فى القناة ونسفوا كوبرى الفردان فى إحدى المرات، واشترك المرشد الحالى محمد مهدى عاكف فى تجهيز نسف قطار به جنود إنجليز بذخيرتهم؛ مما شجع فى النهاية أحزاب الوفد ومصر الفتاة أن تنشأ ما يسمى بالقمصان الزرقاء والخضراء لمقاومة الإنجليز. فالمقاومة المصرية للإنجليز لم تخرج من بيت الداعرات والراقصات كما صورت الأفلام العربية، ولم تكن عشوائية بل كانت منظمة وقام عليها نظام خاص أنشأه الإخوان لهذا الغرض وبعد ذلك نافست الأحزاب الأخرى الإخوان فى هذا الأمر بصورة أحيت الأمل فى طرد المحتل من الأرض المصرية.
- كتائب الإخوان من مصر والأردن وسوريا فى حرب فلسطين وما فعلته من بطولات ضد الصهاينة والمستعمرين اليهود ولولا خيانة الأنظمة العربية لكان هناك شأن آخر (شهادة اللواء/ صادق المواوى قائد القوات المصرية فى حرب فلسطين سنة 1948 بحق دور الإخوان المسلمين) (http://www.daawa-info.net/books1.php?parts=110&au=كامل%20الشريف ).
- الدعوة لمقاطعة المحلات اليهودية (صيدناوى وشيكوريل وشملا) فى مصر، ونشر ذلك فى ربوع مصر كلها للتأثير فى قضية فلسطين.
- كلمة الطالب/ مصطفى مؤمن (زعيم طلبة الإخوان فى الجامعة) فى الأمم المتحدة عن الاحتلال الإنجليزى لمصر.
- اجتماع المرشد العام للجماعة بعبد الرحمن عزام أمين عام جامعة الدول العربية ودور ذلك فى تحريك الدول العربية لجيوشها نحو فلسطين، وجمع تبرعات الإخوان وغيرهم للشيخ/ أمين الحسينى فى ربوع مصر كلها لمقاومة اليهود الغاصبين.
- دور الجماعة فى حماية ثورة يوليو وحماية المنشآت الحيوية وقت قيام الثورة (الضابط الذى حاصر قصر التين فى الإسكندرية من الإخوان واسمه أبو المكارم عبد الحى).
- ظهور العديد من المفكرين والاقتصادين والقادة الذين تربوا داخل الجماعة وبين أحضانها ( الشيخ/ أحمد ياسين، ود. عبد العزيز الرنتيسى، والشيخ/محمد الغزالى، والشيخ/ يوسف القرضاوى، وفهمى هويدى وقد كان مسجوناً بتهمة الانضمام إلى الإخوان فترة الستينات، والشيخ/ محمد أبو زهرة، والمستشار/ عبد القادر عودة صاحب التشريع الجنائى الإسلامى، سيد قطب، وزينب الغزالى، وعمرو خالد وقد كان عضواً أو أميناً لاتحاد طلاب كلية التجارة جامعة القاهرة عن التيار الإسلامى فى الثمانينات، وعثمان أحمد عثمان مؤسس شركة المقاولون العرب، ويوسف ندا ملك الأسمنت فى أوربا فترة السبعينات، والكثير الكثير الذين قد أنسى أسماءهم).
- حمل طلبة الإخوان للفكرة الإسلامية داخل الجامعات حتى الآن رغم الاعتقالات والتنكيل بهم واستبعادهم من المدن الجامعية، ومحاولة استرداد حقوق الطلاب من الاتحادات الطلابية المنهوبة، وحض الطلبة على الإيجابية. والقيام على خدمة الطلاب بتقديم مذكرات الامتحانات، وعمل حملات تنظيف للكليات وغيرها من الخدمات.
- الدفاع عن قضايا فلسطين والعراق وتذكير الشعب المصرى بهما من خلال البيانات والملصقات والمحاضرات التى تملأ الشوارع المصرية من أدناها إلى أقصاها.
- حركة حماس فى فلسطين.
- الحزب الإسلامى العراقى الممثل الأساس للسنة فى العراق.
- عودة الحجاب للشارع المصرى بعد اختفائه التام فى فترة الستينات (وقت اعتقالات الإخوان).
- إقامة الحفلات والأناشيد الإسلامية فى ربوع الجامعات المصرية لتقديم فن نظيف يجمع بين سمو الفكرة والارتباط بالآداب الإسلامية (مسرحية شقلبة ومسرحية فانتوم بمسرح نقابة المهندسين، ومسرحية أولاد الأبالسة بجامعة المنصورة، ومسرحية احكِ يا درة بمسرح فيصل ندا وغيرها)، وعودة الناس لما يسمى بالأفراح الإسلامية البعيدة عن الإسفاف والرقص والمجون.
- عودة الفكر الإسلامى مرة أخرى إلى الساحة بعد سيطرة الماركسيين واليسارين عليه فى فترة الستينات (وقت اعتقال الإخوان).
- الإصرار على وضع المادة الثانية من الدستور المصرى وهى أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع فى مجلس شعب 1979 (الشيخ/ صلاح أبو إسماعيل، والحاج/ حسن الجمل عضوا الإخوان الوحيدان فى المجلس).
- جهود الإخوان فى مجلس شعب 1984، 1987، 2000، 2005 فى الدفاع عن حقوق المصريين المنهوبة ومحاولة وقف استنزاف ثروات هذا الشعب المسكين، والدفاع عن الحل الإسلامى داخل هذه المجالس (http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ID=14480&LevelID=2&SectionID=529 ) .
هذا كله غيض من فيض حاولت أن أختصره قدر المستطاع وأغفلت أشياء كى لا أطيل، لكنى أظن أنى قد أغمطت الجماعة حقها، فما قامت بها أكبر من أن تسطره الكلمات، أو يعبر عنه المداد.
ولكنى أريد أن أؤكد أن الله هو الذى يسخر من عباده من شاء وقتما شاء، وأن لا فضل لأحد على دين الله، فهذا واجب قام به الإخوان وما زالوا يقومون به إرضاء لله عز وجل وحده لا يبغون شكراً من أحد ولا ينتظرون رضا أحد.. الله وحده هو غايتهم، وجنته فقط هى هدفهم..
قدموا فى سبيله وما زالوا يقدمون:
- أرواحهم (عبد القادر عودة، ومحمد فرغلى فى الخمسينات، وسيد قطب، ويوسف هواش فى الستينات، وكمال السنانيرى فى السبعينات، وعبد الله عزام فى الثمانينات، وأحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسى فى أوائل هذا القرن، ومسعد قطب وأكرم زهيرى وطارق الغنام العام قبل الماضى).
- وأموالهم (يدفع كل الإخوان اشتراكاً مالياً من مرتباتهم تزيد عن 5 % فى سبيل دعوة الله عز وجل).
- وأوقاتهم، وأجسادهم (فمعظم الإخوان قد لاقى التعذيب فى السجون فى كل العهود والبلاد).
- وأهليهم وأولادهم (فسجون مصر لم تخل من فرد من الإخوان منذ عام 1954 حتى الآن)".
والله من وراء القصد..

هناك ٣ تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. ما شاء الله
    موضوع راقي
    وردك رائع
    تحياتي لك أخي محمد
    بالفعل قد أحسنت الرد
    سلام

    ردحذف
  3. جميييييييييلة جدا ..
    ألف شكر

    ردحذف