الجمعة، ٣٠ مارس ٢٠٠٧

حكايات من فسادستان - الأولى

بما أنى أحد مواطنى دولة "فسادستان"، وبما أنى قد مللت الكلام فقط مع من يقرؤون، وبما أن شعبنا غارق فى حياته، وغير عابىء لا بدستور غيّروه، ولا ببلدٍ يهدموه، ولا بشعبٍ يسرقوه..
كل ذلك جعلنى أتوقف قليلاً عن التحليل، والتفسير، والتبيين، وأن أنقل ما أسمع من أبناء هذا الشعب المطحون، والغارق حتى إخمص قدميه فى لقمة عيشه التى يتحايل حتى يحصل عليها بالحلال، مع بعض تحابيش من الحرام – إن كان حراماً – بسبب اضطراره للتعامل مع حاكمى دولة فسادستان..
سأجعلها سلسلة غير متصلة – أى حسب الظروف، والشخصيات والأحوال..
سلسلة على لسان هؤلاء المطحونين الضاربين فى الأرض بحثاً عن لقمة العيش..
سلسلة كلامها فى السياسة دون قصد المُـتـَحدَّث عنهم فيها، ودون علمهم؛ لأنهم إذا علموا سيصمتون، وإذا عرفوا سيرتابون..
وأولى حلقات هذه السلسلة على لسان شريف..
شريف سائق البيجو على خط مدينته – القاهرة..
شاب مكافح حاصل على بكالوريوس تربية، لم يبحث عن العمل كمدرس حرصاً على لقمة عيش توارثها عن والده – الذى لا يزال على قيد الحياة..
يعمل شريف غالباً فى الليل وينام النهار..
ولأترك لحكايات شريف الكلام، دون تعقيب أو تعليق؛ ففيها العبرة، وفيها الخلاصة عن فسادستان:
1- عملت فترة فى إحدى مصانع السيراميك الكبرى ذات الاسم الأجنبى. ولعدم وجود رعاية بيئية وصحية، فقد مرضت بمرض شديد أصاب صدرى رغم صغر سنى، وما علمته أن من يعملون فى هذه الشركات ينتهى بهم المطاف إلى تطور فى هذا المرض.. وفضلت حينها أن أترك المصنع رغم الراتب الكبير، ورغم عملى فى مجال ينتمى إلى تخصصى، والراتب الكبير الذى كنت أحصل عليه؛ إلا أنى فضلت احتراف مهنة القيادة حفاظاً على صحتى.
2- زيت السيارت ارتفع ثمنه إلى الضعف على خمس مراحل، وسعر الكارتة (تصريح السفر لسيارات الأجرة) زاد مرة ونصف المرة منذ آخر زيادة فى سعر السولار، ورغم ذلك زادت الأجرة بنسبة 10% فقط.
3- الثمن الرسمى للحصول على تصريح سفر السيارات البيجو الأجرة ذات السبعة ركاب هو 3 جنيهات، و15 قرشاً، والثمن الحقيقى الذى ندفعه علناً هو 7 جنيهات. أما بالنسبة للميكروباص ذو الأربعة عشر راكباً فالثمن الرسمى قيمته سبعة جنيهات، والثمن الحقيقى العلنى ما بين 35 ، و42 جنيها حسب "شطارة" كل سائق.
4- الدخل اليومى الرسمى دون الإضافات لموقف عبود هو نصف مليون جنيه.
5- مخالفة سيارة الأجرة البيجو التى تدخل حيز مدينة القاهرة دون ترخيص هو 500 جنيه، ووقف للسيارة عن العمل 3 أشهر، يدفع السائق للضابط المختص 250 جنيهاً نقداً لإلغاء هذه العقوبة.
6- لتجديد الرخصة هذا العام دفعت 4 جنيهات تبرع إجبارى ليوم المريض.
7- وجدت عندى مخالفة قيمتها 500 جنيه لمجاوزة السرعة فى طريق الوادى الجديد، رغم أنى لا أعرف طريق الوادى الجديد أصلاً.
8- حصلت على مخالفة فى إحدى المرات فاتصلت بأحد الضباط "بلدياتى" الذين أعرفهم، فاتصل بالضابط المسئول فى المرور، وغير رقم (1) الموجود فى رقم سيارتى إلى رقم (2) فى ورق المخالفة لتصبح مثلاً 23456 بدلا من 13456.
9- ركب معى مرة أحد الشباب "اللى واخد باله من نفسه" بجوارى، وكان بجانبه أحد مرضى القلب؛ فطلبت منه إطفاء السيجارة، فرفض، وقال "اللى مش عاجبه ينزل من السيارة"، فخفت منه وحسيت أنه مسنود "يعنى ضابط أو كيل نيابة"، ثم أخرج عنداً علبة السجائر كاملة ووضعها أمامه لتناولها الواحدة تلو الأخرى، ولما فاض بى الكيل وقفت عند أقرب كمين شرطة على الطريق، ونزلت وحكيت للضابط ما حدث، فأرسل إليه أمين الشرطة، فأخبره بأن "الباشا عاوزك"، فرد الشاب: "اللى عاوزنى، يجينى"، فجاء الضابط ونزل فوق الشاب "تلطيشاً" وضرباً، وسباً!!!!، وقال له: "لو كنت ابن وزير الداخلية حتى.. أنا هاربيك"، وأمر أمين شرطة أن يجهز له محضر "بانجو" وأن يحضر له "حتة بانجو" من الداخل!!!!! وبالطبع – وكما هى عادة المصريين – توسط الراكبون عند الضابط لإلغاء المحضر، وبالفعل ألغاه الضابط!!!!!!!.
10- جاء أحد "بلدياتنا" للركوب مع والدى فى إحدى المرات، ولم يبق أماكن إلا فى المقعد الأخير، فقام أحد الجالسين فى المقعد الأوسط ليستطيع "صاحبنا" الرجوع إلى المقعد الخالى، فقام صاحبنا بالجلوس مكان الراكب، قائلاً له "دى عربيتى" وأجلس فى المكان الذى أريده، فذهل الرجل، وطلب منه أن يفسح له المكان حتى يستطيع الرجوع، فرفض وقال له ارجع من الناحية الأخرى، فذهب الرجل إلى الناحية الأخرى، فرفض صاحبها أيضاً خوفاً من أن يحدث له نفس ما حدث!!!! وهنا تدخل السائق – والد شريف – وطرد "بلدياته" من السيارة، وقال له ايحث لك عن سيارة أخرى!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
إخوانى.. أخواتى
هذه الحكايات الأولى من "حكايات من فسادستان" على لسان شريف سائق البيجو..
وأظن أنها معبرة بما يكفى عن حال بلدنا العظيم "فسادستان".
والسلام..

هناك تعليقان (٢):

  1. :)
    نمرة تسعة ده اللي شخصية عجيبة!!
    هو مش عارف النظام في بلده ولا إيه؟
    الباشا يقول لك تيجي يبقى تيجي على طول..
    بس انت عارف؟..نفسية البلطجي التي يحملها هذا الشاب، تخللي الواحد ميعرفش يتعاطف معاه بسهولة..

    بس بجد السواق ده غلبان، يعني هيبقى واد مسنود وابن ضابط ولا حاجة ويركب بيجو؟

    نمرة عشرة بقى هو اللي يضحك..شخصيات عجيبة :)))

    ردحذف
  2. غير معرف٢/٤/٠٧ ٤:٠٢ م

    لا ينكر أحد أن هؤلاء الكراكيب القابعين على أنفسنا بالعافية قد وصلوا بالبلد إلى حالة يرثى لها وأصبحت مثل هذه الحكايات المضحكة المبكية تشكل غالبية حديث الناس اليوم حتى صرت أعتقد أن شعبنا لو دخل مسابقة فى النقد لأخذ المركز الأول بجدارة.

    ردحذف